Stories

News & Updates

من فناء المدرسة… إلى مستقبل أكثر خضرة
حين تنبت الأفكار الخضراء في باحات المدارس

قيس ناصر، مؤسس مبادرة أٌفٌق

بقلم: بتول غيث

عمّان – في فناء مدرسة حكومية في الزرقاء، لم تكن الأرض وحدها من ازدهرت. مشروع صغير بحجمه، كبير بأثره، بفضل مبادرة أطلقها شباب جامعيون نقلوا أفكارهم الخضراء إلى فصول التعليم الأساسي، حاملة معها حلمًا أخضر في مواجهة التصحر والجفاف.

قيس ناصر، شاب يبلغ من العمر 22 عامًا، يدرس إدارة الموارد المائية في الجامعة الهاشمية، لم يقف عند حدود القاعات الدراسية في ظلّ التحديات البيئية المتزايدة واختار أن يكون جزءًا من الحل.

“نحن نعيش في مجتمع يواجه مشاكل بيئية متزايدة، وعلى رأسها شُحّ المياه. في الأردن تحديدًا، أزمة المياه متزايدة باستمرار، فبحثت عن حل مختلف، ووجدت في الزراعة المائية فرصة لتوفير الماء بنسبة كبيرة مقارنة بالزراعة التقليدية. ومن هنا، قررنا أن نبدأ بتوعية طلبة المدارس حول البيئة.” يقول قيس.

بالتعاون مع زميله ثائر علي، ومجموعة من طلاب الجامعة، أطلق قيس مبادرة “أفق”، عبارة عن سلسلة من الورش التوعوية والعملية في مدرسة سعيد علاء الدين الأساسية في الزرقاء، ضمن نشاطات مشروع “أخضر” بالتعاون مع مؤسسة أنا أتعلم.

وعمل مشروع أخضر على تعزيز الوعي البيئي والاستدامة في المدارس الأردنية، بدءًا بمخيمات مثل البقعة وصولًا إلى المدارس الحكومية في الزرقاء. بهدف تعليم الطلاب والطالبات مفاهيم الزراعة المائية (الهيدروبونيك)، وكيفية إعداد النظام ورعايته، بحيث ينتج بنسبة ٧٠ و٨٠ بالمئة من المياه مقارنة بالزراعة التقليدية. من خلال ورشات عملية وتدريب مباشر في المدارس.

“بدأنا بجلسات نظرية عرّفنا فيها الطالبات على مفاهيم الزراعة المستدامة، ثم شرحنا ما هي الزراعة المائية، وكيف يمكن أن تسهم في التخفيف من آثار التغير المناخي. بعد ذلك انتقلنا إلى الجزء العملي، حيث جهزنا نظام زراعة مائية، وشاركت الطالبات بأيديهن في تركيب النظام وزراعة النباتات،” يوضح قيس.

ورغم بساطة الفكرة، لم تكن التجربة خالية من التحديات، حيث أن فريق المبادرة كانوا طلابًا جامعيين من مناطق مختلفة، والمدرسة تعمل خلال الفترة المسائية، “كان من الصعب التنسيق بسبب ضيق الوقت وبعد المسافات، لكن الشغف غلب التعب. استطعنا تنفيذ النظام مع الطالبات حتى النهاية،” أكَد قيس.

أكمل قيس “في الجلسة الأولى، لاحظنا بعض الخجل وعدم الحماس، لكن في الجلسة الثانية، بدأت الطالبات يطرحن الأسئلة ويتفاعلن، وعند التنفيذ العملي رأينا الحماس الحقيقي. فكانت الطالبات سعيدات بأنهن يزرعن بأنفسهن، ويشاهدن نتائج عملهن مباشرة.”

ثائر علي، الذي شارك ضمن فريق المبادرة مع قيس، وجد في التجربة البيئية بعدًا شخصيًا،” أنا أحب العمل التطوعي منذ سنوات، لكني وجدت في المبادرات البيئية معنى مختلفًا. البيئة مسؤولية جماعية، والعمل على حمايتها واجب على كل فرد. أكثر ما أحببته في هذه التجربة هو أننا علّمنا الطالبات وحتى المعلمات في المدرسة شيء جديد.” يقول ثائر.

وشجع ثائر جميع الشباب على التطوع والتعلم في مختلف المجالات والمحاولة لإيجاد حلول للمشاكل الذي يواجهها مجتمعنا.

عبّرت جمانة الزعبي، سكرتيرة المدرسة، عن امتنانها للفريق، قائلة “نحن ممتنون جدًا لهذه المبادرة. الطالبات استفدن كثيرًا وتعلّمن مهارات جديدة، وحتى نحن ككادر تعليمي استفدنا من الورش. كانت قطعة الأرض مهملة داخل المدرسة، تُشبه المكرهة الصحية، لكننا شاركنا في تنظيفها وتحويلها إلى مساحة زراعية مائية منتجة. المشروع كان ناجحًا ومميزًا على كافة المستويات.”

بالنسبة لقيس، هذه المبادرة ليست مجرّد نشاط تطوعي عابر، بل بداية لحلم أكبر.

“الزراعة المائية ليست فقط حلًا بيئيًا، بل هي فرصة اقتصادية. أطمح إلى تحويل هذه المبادرة إلى مشروع خاص بي، وأؤمن أن أي شاب يمكنه الانطلاق من فكرة صغيرة، وأن يحوّل العمل التطوعي إلى مشروع ريادي يساهم في بناء المجتمع.” يقول قيس.

ثائر (يمين) وقيس (يسار) من مبادرة أُفُق

en_USEnglish